الحديث عن القصة بذاتها موضوع مهم ولازم ويعطي ما نفعله توكيداً ودفعاً ويظهر الفائدة المرجوّة منه، فإن كان هذا الملتقى بيتاً وشهداً للنحل، فالتفاصيل والمحتوى هي العسل..
القصة هي سرد للأحداث بطريقة متسلسلة منطقية تحمل الأفكار والسلوكيات والجماليات وغيرها على لسان أبطال القصص ومن خلال شخصياتهم وأفعالهم، القصد منها الإيحاء للقارئ بما يحدث دون التخاطب معه بشكل صريح ومباشر.
غالباً ما كان يتم نقل المعلومات بالرموز بين الأجيال والحضارات، فتأتي المعلومة مضمنة في رمز يدل عليها، ثم يتم ربط تلك الرموز ببعضها من خلال قصص تروى من جيل إلى جيل، وأبسط مثال على ذلك هي الأمثال الشعبية التي تتوارثها الأجيال، حيث أن ترميز المعلومات يحميها من الضياع والعبث، ووجودها ضمن قصة يجعل من الصعب تحريفها لأن ذلك سيخرب النسيج المنطقي للقصة.
حتى أننا لو تحدثنا عن ماضٍ لشخص ما للتعريف بمسيرته أو لدولة معينة للحديث عن تاريخها، سيكون من الأسهل والأجدر بنا تضمينها ضمن قصة، لأن العقل البشري يميل إلى استيعاب المعلومات المهيكلة المتسلسلة بمنطق مقبول، فليس من الممكن ايصال فكرة او معلومة إن كانت مجزأة ولا تحوي ترتيباً زمنياً أو نسجاً عقلانياً، وسيكون من السهل على القارىء التحقق من دقة المعلومة أو صلاحيتها بناء على النسيج المنطقي الذي يجب أن يتوافق مع ما تختزنه ذاكرته ومخيلته من أنماط شائعة للأشياء والأحداث.
وعليه لن يكون غريباً أن نعرف أن البشر منذ طفولتهم يحبون حكايات الجدات، وحتى عندما يكبرون ويتسامرون، كثيراً ما تكون العيون مشدودة إلى الراوي في الجلسات، والعقول متعطشة إلى الحدث التالي في حكايته.
دور الأسلوب في تميّز القصة
خلال آلاف من السنين عاشها البشر على هذا الكوكب وكعادتهم قاموا بتطوير وتحسين كل ما وقعت عليه ايديهم واذهانهم، والقصة إحدى تلك الأشياء التي خضعت للتطوير، فعندما أدرك الانسان قيمة القصة ودورها الأساسي في بناء الكينونة الداخلية للأفراد، قام بتطوير الأساليب والتقنيات التي يستخدمها، سواء كانت أساليب السرد والبناء، أو حتى المفردات والعبارات.